لم اندم على واجب قمت بأدائه مستبشرا ندمي على زيارة شاعرنا الشاهق محمد الثبيتي في مشفاه .. لقد رحت اردد بدون شعور :
«صاحبي
ما الذي غيرك
ما الذي خدر الحلم في صحو عينيك
من لف حول حدائق روحك هذا الشرك؟»
لم يكن فضل شاعرنا الرائع عبدالله الصيخان فقط فضل اخذي الى هناك.. بل الى جانب ذلك كان يغالب حزنه وينثر علينا لآلئ شعر الثبيتي.. وبين أنة خفية واخرى يسأله ضاحكا : أبا هوازن لمن هذا الشعر؟ وبهذه الحركة ازاح عني كثيرا من الحزن.
لقد ازاح الصيخان الحزن عني مرتين : هذه هي الثانية.. اما الاولى فقد حالت الظروف العمياء بيني وبين الكتابة زمنا مجدبا.. ولم يجرؤ أي رئيس تحرير على قبولي كاتبا.. وكان الصيخان مسئولا عن او في مجلة اليمامة ورحب بي كاتبا.. حيث بقيت زمنا طويلا اكتب في اليمامة تحت عنوان : (وقوفا بها).
الثبيتي لم يدع المعنى يتجاوز نفسه او يجعل المفردة اللغوية تلبس مجازا بكرا وحسب.. بل احدث في شعرنا نقلة ابداعية جديدة هي الانتقال من مجاز المفردة الى مجاز القصيدة.
ومن وجوه الغرابة ان الثبيتي اثر في من قبله.. بمعنى انه فتح اعينهم على عجز لغوي لم يكونوا ملتفتين اليه او قادرين على انتهاكه.. ولكنه لم يؤثر في الجيل الذي بعده من الشباب الشعري – حسب قراءتي – اذ بقي هذا الجيل سجينا لهموم عشوائية ولغة تسأل عن المعنى في الغالب، وقد يكون هذا ناشئا من مرض الثقافة العربية ككل وليس قصورا فيهم.
أبشرك أيها الفارس :
ان «سيد البيد» بدأ في تهجي لغتك.. لغتنا.. وان «غابة الخيزران الانيقة» بدأت في التصحر.. فقم يا محمد.
«ادر مهجة الصبح»
قم يا محمد :
«قل لليلى تجئ صباح الاحد
انها تقف الآن بين الزلال وبين الزبد
قل لها : ظاهر الماء ملح وباطنه من زبد
قل لها : انت حل بهذا البلد
انت حل لهذا الولد»
ولكن ايها الفارس :
«انت بعيد كأنك ماء السماء»
ولكننا سنتشبث بالامل فقم ايها الفارس واغمد في رئتيك السؤال : «من يقاسمني نشوة التهلكة؟».
محمد العلي
——————————————
صحيفة اليوم السعودية – 10 / 4 / 2010م
0 تعليق