قبل أن يحلَّ الظلام من يوم الثالث من شهر مارس 2009م كان إلى جانبي الصديق الشاعر محمد الثبيتي في الطائرة الخاصة التي أقلَّتنا من مطار المكلا في اليمن إلى مطار الرياض ثم إلى مطار جدة في رحلة العودة من الفعاليات الثقافية السعودية في اليمن قبل وعكته الصحية المفاجئة بأسبوع ، وكان الحديث يدور عن انطباعه خلال مشاركته في هذه الفعاليات والاحتفاء الكبير الذي حضي به من المثقفين والأدباء اليمنيين وفي أول أمسية له في صنعاء وإهداء أحد المعجبين به ساعة أثناء إنشاده للشعر ، والحضور النسائي الكبير الذي اكتظ به مركز بالفقيه الثقافي في مدينة المكلا على ساحل بحر العرب في أصبوحته الشعرية والتي خُصصت له وحده وأذكر حينها أنني قلت له : يا أبا يوسف من كان جمهوره الأكثر من النساء فعليه أن يخصصّ لهن ديواناً كاملاً ثم أطلق ضحكته المعهودة”. تحدث بعدها عن حوار أجراه معه الصديق أحمد الأغبري لصالح مجلة دبي الثقافية والذي نشر فيما بعد – ولم يقرؤه الثبيتي – ،وعن رحلتنا البرية إلى وادي دوعن على شرف رجل الأعمال السعودي عبدالله بقشان في قصره الباذخ على سفح جبل حضرمي، وكان يردد :”ما أجمل ذلك القصر وما أكرم الناس هناك”.وبينما نحن نستعد للإقلاع رنَّ هاتف الثبيتي ودار حديثه مع المتصل قرابة 10 دقائق ومحمد يخبره أنه سيلبّي طلبه حينما يصل إلى السعودية والمتصل يلحّ ويطلب منه الوفاء بهذا الوعد “، أغلق الخط و التفت إليّ وقال :هل تعرف من كان يهاتفني؟ قلت: لا! قال: هذا الأديب عبدالمقصود خوجه يريد أن يحتفي بي ويكرمني على طريقته الخاصة في صالونه الأدبي الأثنينية ” ، قلت له: إن هذا الرجل يعمل ولا ينتظر الجزاء من احد وأرجو منك أن تفي بوعدك له لأنك تستحق أولاً ولأنه مهتمٌّ بك ثانياً”. دار الحديث بعدها عن فخامة الطائرة ودلال المضيفة الحسناء وهي تقدم لنا التعليمات وتعرِفنا على مخابئ وكراسي الطائرة المتعددة والتقطت لنا صورتنا معاً ثم قلت له: كم سنحتاج لامتلاك طائرة كهذه؟ رد ساخرا:الأحلام التي نريد تحقيقها كثيرة ولا بأس أن تكون هذه إحداها”. بعد أن افترقنا في مطار جدة تواعدنا أن نلتقي في منزل الصديق المشترك فهد الخليوي بعد أسبوع ، لكن الساعة 10 من صباح الخميس حملَت خبراً مباغتاً من الخليوي يقول:” تعرض أبو يوسف لجلطة مفاجئة حدثت له بالأمس في بيته في مكة المكرمة”.
منعطف:
إن ما قام به الأستاذ عبدالكريم العودة ومن معه وفي مبادرة من بوادر الوفاء للثبيتي ، بإطلاق موقع على الشبكة العنكبوتية خاص بتاريخ أبي يوسف ونتاجه الأدبي يستحق منا جميعا أن نرفع له قبعة من الورد على هذا المجهود الرائع والذي سيكون شاهدا على تاريخ محمد “شفاه الله” حاضرا أو غائباً.
عبدالهادي صالح
0 تعليق