في رثاء … محمد الثبيتي

25 يناير، 2011 | في تأبين سيد البيد | 0 تعليقات

كماهو حال كل الأشياء الجميلة التي ترفض أن تموت حتى ولو غادرت المكان أو المشهد حسياً فأنها تترك أثراً باقياً أبد الدهر
محمد الثبيتي ودعنا مساء البارحة إلى رب رؤوف رحيم
وسنظل نراه حاضراً في كل حين
عند حضور صورة شعرية باذخة سيهطل طيفه كنسمة دافئة
عند ذكر البيد سيأتي متوجاً كسيد لها

في كل لحظة مورقة من حياة السيد شعر سيكون للثبيتي ((محمد حضور))
بهيئته البسيطة وشاربه الكثيف وإحساسه الرهيف وطيبة قلبه
سنذكره كلما جال بنا من الطائف المأنوس طائف عبر ((مبدعي الطائف))
شخصياً أرتبط لدي الطائف بحفنة من المبدعين والظواهر الكونية في العصر الحديث
هنا ((فهد ردة – هناك فايز المالكي – في ناحية ما مساعد الزهراني – )) وفي مكان عالي من هذه المساحات الممتلئة بالمبدعين يجلس محمد الثبيتي يرقب المشهد تلفح وجهه نسمة طائفية فيبتسم
يمتص الرحيق من الحريق وهو ماض إلى المعنى
يرفع بصره .. يحدق نحو السماء
لايعقل أن يزول أثر شاعر مجدد باذخ .. يدوزن الشعر بلهفة ورشفة … بخفة ورشاقة ؟؟؟
محمد الثبيتي سيذكره الإبداع … ستذكره القوافي
قصائده قد تكون قليلة لكنها (( صفوة الصفوة ))
كأني بقصائده الباذخة تدافع عنه ((عندما أنزلق لساني فقلت بقلتها )) فتردد : (( تعيرنا أنا قليل عديدنا .. هانحن نقول لك ((اأن الكرام قليل ))
في قصائده القليلة من حيث العدد والكلمات
مساحات شاسعة من الجمال تشمل فخامة المعنى وجمال الجرس وخفة الروح وإنسكابات الوجد
قصائد محمد الثبيتي هي من يخلده .. ويبقيه ماثلاً لنا أبد الدهر
(( الذكر للإنسان عمر ثان ))
وقصائد محمد على قصرها تطول وتمتد لتتحول مساحات جمال بل ((ملاحم شعرية )) تسكب في وجداننا الشعور والشعر وودق المعنى ودفق الشعور
رحم الله هذا الباذخ البسيط … فقد كان يعي مايفعل
يرمي بقصيدة تدوزن كل ماحواه
ثم يلوذ بالصمت
يكتفي بمراقبة هذا الكون الفسيح
لذا عاش متأملاً .. وللمتأمل نفحات تجلي
تزرعه في عين العاصفة هدوءا وبجانب قرص الشمس إشراقاً
ولابد لكل متأمل أن تصيبه وعكة فيستحيل متألماً
ولقد قاسى التغييب عندما كان ممتلئاً صحة
وعانى التجاهل عندما أصابه المرض
هاهو يرحل
وهانحن نرثيه
وهذه هي الحياة
رحمك الله ياسيد البيد وعوضنا فيك وعوض ساحة الشعر خيراً
فقد كنت للشعر مخلصاً
وللمعنى موالياً
وللسحر والجمال منحازاً
وثق أن هذه المعاني باقية رغم موتك
وستعمل هي على منحك مساحات للبقاء بيننا

ناصر بن محمد العُمري / المخواة

—————————–

المصدر: الباحة اليوم

مقالات مشابهة

رحل الثبيتي تاركاً حياة ممتدة من كلمات

رحل الثبيتي تاركاً حياة ممتدة من كلمات

الشاعر لا يتركنا ويمضي بسلام، بل يجرعنا الغصص وهو يبتعد تاركاً بين أيدينا كما هائلا من التذكارات، حروفاً وكلمات، مشاعر وتعاويذ، قادرة ربما على صياغتنا وما حولنا من حياة، إن نحن أجدنا الاستماع إلى ما نفث من تأملات.الشاعر عبدالله ثابت قال عن رحيل محمد الثبيتي: آلمني...

لحظة موت شاعر

لحظة موت شاعر

إنها لحظة.. لحظة قصيرة جدًّا في أول تلك اللحظة ترتفع أصوات وربما تحصل جلبة وصراخ، مثل بقية خلق الله، لكن بما أن الذي سيموت هو شاعر فإن اللغة تبدو كما يقول محمّد الثبيتي رحمة الله: بيضاء كالقار نافرة كعروق الزجاجة حين يموت شاعر تنعقد ألسنة الكون، وتلوذ رياح المشاعر...

محمّد الثبيتي.. صاحبي في الصمت والحزن الفصيح

محمّد الثبيتي.. صاحبي في الصمت والحزن الفصيح

جثم الحزن على قلبي وأنا أتلقى نبأ رحيل شاعرنا الكبير محمّد الثبيتي - رحمه الله - يوم الجمعة العاشر من صفر 1421هـ الموافق لليوم الرابع عشر من شهر يناير 2011م، وتبدت أمامي صورة ما زالت عالقة بذاكرتي، يوم أن نقل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، كنت وقتها من بين من...

شارك برأيك

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *