• محمد الثبيتي: مواليد الطائف 1954، واحد من أبرز الأصوات القليلة التي صنعت تحولاً نوعياً في الشعرية السعودية منذ الثمانينات وحتى منامه المؤقت، بإذن الله، في عناية الله بتخصصي جدة.
• قال: (ضَمّني، ثم أوقَفني في الرمال ودعاني: بميم وحاء وميم ودال، واستوى ساطعاً في يقيني، وقال: أنت والنخلُ فرعان، ِأنت افترعت بنات النوى، ورفعت النواقيس.. هن اعترفن بسر النوى، وعرفن النواميس؛ فاكهة الفقراءِ وفاكهة الشعراءِ.
تساقيتما بالخليطين: جمراً بريئاً وسحراً حلالُ.. أنت والنخل صنوانِ. هذا الذي تدعيه النياشينُ.. ذاك الذي تشتهيه البساتينُ هذا الذي دَخَلت إلى أفلاكه العذراء، ذاك الذي خلدت إلى أكفاله العذراء، هذا الذي في الخريف احتمالُ، وذاك الذي في الربيع اكتمال.. أنت والنخل طفلان.. أنت والنخل طفلان.. طفل قضى شاهداً في الرجال، وطفل مضى شاهراً للجمال، أنت والنخل سيان، قد صرتَ دَيدَنَهُنَّ، وهن يداك، وصرتَ سماكاً على سمكهن، وهن سمَاك، وهن شهدن أفول الثريَّا وأنت رأيت بزوغ الهلال، تسري الدماء من العذوق، إلى العروق وتنتشي لغة البروق: أي بحر تجيد؟ أي حبر تريد؟ سيدي لم يعد سيدي، ويدي لم تعد بيدي. قال: أنت بعيد كماء السماء. قلتُ: إني قريب كقطر الندى.. قال:يا أيها النخلُ هل ترثي زمانك؟ أم مكانك؟ أم فؤاداً بعد ماء الرقيتين عصاك.. حين استبد بك الهوى، فشققت بين القريتين عصاك، وكتبت نافرة الحروف ببطن مكة، والأهلة حول وجهك مستهلةُ، والقصائد في يديك مصائدُ، والليل بحر للهواجس والنهارُ قصيدة لا تنتمي إلا لباريها، وباري الناي، يا طاعنا في النأي.
اسلم، إذا عثرت خطـاك، واسلم، إذا عثرت عيون الكاتبين على خطاك، وما خطاك؟! إني أحدقُ في المدينة كي أراكَ فلا أراك، إلا شميماً من أراك!) محمد الثبيتي..
• ومحمد.. بعينيه المحشودتين بأهازيج الفجر الشجاعة، وحنجرته البدوية المفتوحة، وصوته الذي يشبه تطاير الحصى تحت القوافل، يحدق منذ ثلاثة أشهر في القطن، متكئاً في أرجوحة معقودة من طرفيها في ناحيتي السماء، وكلما أحس باللغة تعصاه اهتزّ كأسدٍ جائع، وتصاعد الغناء إلى جبهته.. وراح يحرك رأسه يمناً وشمالا، ومدد أهدابه من الطائف إلى مكة، بكل ما في الشعر من كبرياء وريح!.
عبد الله ثابت
—————————-
المصدر: صحيفة الوطن
0 تعليق