حكايتي مع الثبيتي..!

20 مارس، 2010 | مقالات | 0 تعليقات

خالد قماشوهي ليست كحكاية عراب الحداثة الأكبر الدكتور عبدالله الغذامي مع مجايليه إبان المد التنويري منذ أكثر من عقدين من الزمن.. والذي اختزلها في كتابه المثير (حكايتي مع الحداثة)، ولكنها حكاية التلميذ مع أستاذه.. وسالفة عشق بين البيادر المتعطشة مع غيوم الشعر الماطرة!

وبداية الحكاية مع بواكير مرحلة الجامعة قبل ما يقارب العشرين عاما، حيث كانت الروح مشرعة للاطلاع والنهم القرائي الحر، حينذاك طلب أستاذي الدكتور عالي القرشي بحثا عن شخصية شعرية في مادة الأدب السعودي، ومن مكتبة الكلية راق لي ديوان (عاشقة الزمن الوردي)

وهو أول دواوين محمد الثبيتي المطبوعة، سألني الدكتور عالي: هل سمعت عن هذا الشاعر من قبل؟ لا أخفيكم أن عروقي كانت متشربة أنهارا شعرية متدفقة على امتداد وطننا العربي الكبير، وأسمع آنذاك عن قامة شعرية باسقة أصلها ثابت وفرعها في السماء أثارت ما أشكل شعرا وإبداعا، وضخت الجمال في أوردة صباحات الشعر بـ(تضاريس) زودني بنسختها الصديق الصحافي خالد المحاميد بعد أن سحبت من الأسواق لأسباب سخيفة لا أخالها تخفى عن البعض، منذ تلك الأيام وأنا أتنفس شعر هذا الرجل العربي الأصيل وأتمنى لقاءه.
وبعد تخرجي من الكلية وتعييني في العاصمة المقدسة، وأنا أقف في طابور البنك لاستلام المرتب الشهري قبل نظام الصرف السريع، وفي الطابور المجاور مكثت أحدق في رجل يقف محشورا بين أرتال الوافدين ليستلم (معاشه).. كنت أتأمل في سحنة هذا البدوي السمراء بشاربه الكث ونظراته المسافرة في وجوه الآخرين، وأنا أتمتم: «(هذا) حصان عصي فوق غرته.. توزع الشمس أضواء الصباحات»!
كنت أتساءل بمرارة الفنان: هل يعقل أن يكون هذا هو وضع المثقف الحقيقي والشاعر الخلاق الذي جلجل صوته عاليا بالشعر ابتداء من مهرجان المربد بالعراق، مرورا بدمشق العرب وقاهرة المعز وتونس الخضراء وانتهاء بسوق عكاظ واليمن الذي كان سعيدا؟!
انتظرته وعرفته بنفسي وتبادلنا التحايا وأرقام الهواتف (الثابتة) في زمن يضج بالعصافير والأمنيات، وكلما شج الحنين مفرق الضوء هاتفني بصوته المحشو غيوما ونبلا: سلام.. وين الناس؟! فأجيبه خجلا: بحضورك سيدي يصبحون الناس ناس!
هي سنون مضت كان فيها ــ وما زال ــ كالنخلة الشاهقة.. تطول وتزداد شموخا وعلوا، فيما يتقزم الأدعياء أمام قامته المزملة في ثياب النور وهو يسكن (جبل النور)، ومن هنا اكتسب ضوء المكان وضياء الزمان.. ويكفي.

خالد قماش

جريدة عكاظ 21/1/201م

مقالات مشابهة

حاتمية الطائف أبقت منسأة الثبيتي صامدة !

حاتمية الطائف أبقت منسأة الثبيتي صامدة !

للعام الثالث تنسج طائف الورد فنارات التبديع وشارات الفردانية بترسيخ خرائط تضاريس هذا الهرم الثبيتي المعقود في ناصيته خامة الاستثناء على رمال ذاكرة شاعر معجون بقصيدة التفعيلة, بل هو من جدل ظفائر أقنومتها وامتخر عباب أثباجها في الثمانينات في القرن الماضي, حتى تعرش...

«سيد البيد» هتف عالياًلـ «وضاح»: شق بنعليك ماء البرك

«سيد البيد» هتف عالياًلـ «وضاح»: شق بنعليك ماء البرك

يتهجّى الحلم كطفلٍ يفتح عينيه على عالم عريض، فتح (سيد البيد) محمد الثبيتي حواسه اليقظة ليبصر من حوله صحراء عريضة وأشجارا منوعة ومياه الحياة تحيط بالرمال.. أطل وجهه ذات صباحٍ في بلاد بني سعد (جنوبي مدينة الطائف)، حيث تبرعمت ونمت أسماله الصغيرة وراحت تحدق في الأشياء...

عندما يحكي الثبيتي ولعنة التفرد

عندما يحكي الثبيتي ولعنة التفرد

يقول الصينيون عن الشخص الذي يتوفى في خضم أحداث عظيمة فلا يلفت موته أحدا بأنه "مات يوم القيامة"، ويفسرون بهذا مرور ميتته الصامتة مرور الكرام. ولكن ذلك لم يحدث على هذا النحو لمحمد الثبيتي، الشاعر الذي ولد وعاش وهو مقيم تحت سقف العاصفة. "عندما يحكي الثبيتي" كتاب صادر...

شارك برأيك

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *