لم يسطع شاعر في الجزيرة العربية منذ ثمانينات القرن وإلى الآن وإلى مائة سنة أخرى، مثلما سطع اسم الثبيتي في مشهدنا الثقافي، فانداحت جموع المفتونين بشعره تتقاطر من الماء إلى الماء، مخترقا الذائقة الشعرية بصور لم تخطر على بال شاعر، ومبتكرا في فضاء اللغة أبجدية لم تهزج بها قصائد الشعراء من قبل ومن بعد.
أقول هذا الكلام وأعرف أن ماقيل عن شعر الثبيتي أكبر من هذا بكثير، ومالم يقل ومازالت تضج به الحنايا وشغاف القلب أعظم وأكبر. كما أنني أقوله وأنا أول العارفين بأن شهادتي في أبي يوسف مجروحة حتى العظم لأنني تتلمذت منذ أكثر من عقدين من الزمن على شعره وروحه وبياض سريرته وصدق مواقفه ونبل أخلاقه ومازلت أنهل من شفافية روحه البيضاء.
الثبيتي الذي لم يتجه أبدا نحو الأضواء ولكنها تترصده في كلمة يبدعها أو عبارة يرتجلها، لم يكن يوما من الأيام محايدا عندما يجب أن لا يكون كذلك، فهو دائما مع البياض ولكن بدون ضجيج وادعاء.
الثبيتي هذا المعجون بالبراءة والشعر والبداوة الصافية يحتضنه السرير الأبيض بعد معاناة مريرة مع المرض الشرس وإهمال المستشفيات وأخطاء الأطباء قبل أن تنقذه الرعاية الملكية. والآن ونحن لا نملك إلا الدعاء له بالشفاء العاجل وأن يعيده لنا وللشعر والحب وقبل ذلك لأبنائه يوسف وأشقائه وشقيقاته وزوجته الفاضلة، ندعو الله أن يشفي الثبيتي فمنذ أن غاب في غيبوبته الفادحة، والشعر والشعراء حيارى في غيبوبة الفجيعة ومرارة الوجع.
هاشم الجحدلي
——————————-
جريدة عكاظ 24/3/2009م
0 تعليق