الأبيض على السرير الأبيض

20 مارس، 2010 | الثبيتي في ذاكرة الكتاب | 0 تعليقات

هاشم الجحدليلم يسطع شاعر في الجزيرة العربية منذ ثمانينات القرن وإلى الآن وإلى مائة سنة أخرى، مثلما سطع اسم الثبيتي في مشهدنا الثقافي، فانداحت جموع المفتونين بشعره تتقاطر من الماء إلى الماء، مخترقا الذائقة الشعرية بصور لم تخطر على بال شاعر، ومبتكرا في فضاء اللغة أبجدية لم تهزج بها قصائد الشعراء من قبل ومن بعد.

أقول هذا الكلام وأعرف أن ماقيل عن شعر الثبيتي أكبر من هذا بكثير، ومالم يقل ومازالت تضج به الحنايا وشغاف القلب أعظم وأكبر. كما أنني أقوله وأنا أول العارفين بأن شهادتي في أبي يوسف مجروحة حتى العظم لأنني تتلمذت منذ أكثر من عقدين من الزمن على شعره وروحه وبياض سريرته وصدق مواقفه ونبل أخلاقه ومازلت أنهل من شفافية روحه البيضاء.
الثبيتي الذي لم يتجه أبدا نحو الأضواء ولكنها تترصده في كلمة يبدعها أو عبارة يرتجلها، لم يكن يوما من الأيام محايدا عندما يجب أن لا يكون كذلك، فهو دائما مع البياض ولكن بدون ضجيج وادعاء.
الثبيتي هذا المعجون بالبراءة والشعر والبداوة الصافية يحتضنه السرير الأبيض بعد معاناة مريرة مع المرض الشرس وإهمال المستشفيات وأخطاء الأطباء قبل أن تنقذه الرعاية الملكية. والآن ونحن لا نملك إلا الدعاء له بالشفاء العاجل وأن يعيده لنا وللشعر والحب وقبل ذلك لأبنائه يوسف وأشقائه وشقيقاته وزوجته الفاضلة، ندعو الله أن يشفي الثبيتي فمنذ أن غاب في غيبوبته الفادحة، والشعر والشعراء حيارى في غيبوبة الفجيعة ومرارة الوجع.

هاشم الجحدلي

——————————-

جريدة عكاظ 24/3/2009م

مقالات مشابهة

عرَّاف البادية..!

عرَّاف البادية..!

في البواكير.. وبعيد تجاوزي لمرحلة المكتبة الخاصة بابن عمي (أو رَحِيمِيْ.. أي زوج أختي) حيث بدأت الولوج إلى عالم القراءة والكتب.. وحيث تخبَّطَتْ فيها مراهقتي أيما تخبُّط، حتى استقرَّتْ بكيفية لا يعلمها إلا الله! ولأدعِ الطابق (مستورا). فكنتُ قد أصبحتُ أبحث بنفسي في...

ما هو الشعر؟

ما هو الشعر؟

طلسم! كيف يتسلل إلى القلب حلولا ليس لك حول أن تصده، إلا مجادلة في بعض الكلمات والصور لعله يزيدك بالدهشات. إن ابتعدت عن النثر فبوسوسة منه كي أخلص له بلا شريك، وها يردني اليوم كي أكتب عنه، فلعله يتركني لمواضيع أخرى، يعرفها ولا يحبها، ويخشى أن تفسد ما بيننا من غموض...

جرحٌ يقوم على قدمٍ واحدة !

جرحٌ يقوم على قدمٍ واحدة !

في زيارتنا الأخيرة له.. سألني أحد الأصدقاء: ما شاء الله هذا بيته؟! ابتسمت ابتسامة باهتة، وقلت: بيت مين يا عم.. صحيح أنه شاعر عظيم يملك الكثير من (الأبيات) ولكنه يسكن شقة بالإيجار! والإشكالية الكبرى أن هناك مبالغ متراكمة على كاهله، بسبب الأزمة الصحية التي يمر بها...

شارك برأيك

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *