الظمأ
اخْتَرْ هَواكَ على هواكَ عَسَاكَ
أَنْ تلقَى هُنَاكَ إلَى الطريقِ طرِيقا
وامْخُرْ صَبَاحَ التِّيهِ مُنفرِداً فَمَا
أحلَى الصَّبَا خِلاّ ً
ومَا أحلى الصَّباحَ رفيقا
فمَتَى ؟
مَتَى كانت ليالي المُدلِجينَ خَلِيلةً
ومَتى
مَا بَالُ هَذَا الطَّيرِ كَمْ غَنَّى غِنَاءً نَابِيَا
حَتَّى ادْلَهَمَّ التِّيهُ وانْكَشَفَتْ مِنَ البَيدَاءِ سَوأَتُهَا
فَعَادَ يَمُصُّ مِنْ ظَمَأٍ ورِيدَهْ
كَمْ مِنْ يَدٍ صَبَّتْ عَلَى آثَارِهِ لَحْناً رَمَادِيّاً
وكَمْ بِكْرٍ رَأَتْ يُمْنَاهُ قَانِيَةً وشَمَّتْ فِيهِ رَائِحَةً بَلِيدَةْ
وارَتْهُ صَهْبَاءُ الرِّمَالِ عَنِ الرِّجَالِ
وطَوَّقَتْ بغبَارِهَا الذَّهَبِيِّ هَامَتَهُ وجِيدَهْ
وأَفَقْتُ مِنْ تَعَبِ القُرَى
فَإذَا المَدِينَةُ شَارِعٌ قَفْرٌ ونَافِذَةٌ تُطِلُّ عَلَى السَّمَاءْ
وأَفَقْتُ مِنْ سَغَبِ المَدِينَةِ خَائِفاً
فَإذَا الهَوى حَجَرٌ عَلَى بَابِ النِّسَاءْ
وأَفَقْتُ مِنْ وطَنِي فَكَانَتْ حُمْرَةُ الأَوقَاتِ مُسْدَلَةً
وكَانَ الحُزْنُ مُتَّسَعاً لأَنْ نَبْكِي فَيَغْلِبُنَا النَّشِيدْ
ونَسِيلُ أغنيَةً بشَارعِنَا الجَدِيدْ