تأتي المناهج الحديثة للغة العربية والأدب للمرحلة الثانوية والتي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم مؤخرا مواكبة لتحولات الحركة الأدبية والإبداعية، لتتخذ نهجا مغايرا بعيدا عن التقليدية سواء في أسلوب العرض أو في اختيار النصوص الحديثة، وكذلك في تحليل النصوص وشرحها وربطها بفروع اللغة العربية، وهي أيضا لم تغفل عصور الشعر الأولى،
وجاء تناولها للأدب السعودي مركزا على النتاجات الحديثة والمتميزة، فكم هو مبهج جدا أن تقرأ نصوص الشعراء: محمد الثبيتي وعبدالله الصيخان وحسين العروي وعدنان العوامي وعبدالله سليم الرشيد وآخرين، ومبهج أيضا أن تقرأ في مناهجنا بعض النماذج القصصية القصيرة للقاص جبير الملحان والقاص حسن النعمي والقاص حسن حجاب الحازمي والقاصة وفاء الطيب والقاص عبدالعزيز الحسين وغيرهم من كتاب القصة الجميلين. ولم تغفل تلك المناهج الجديدة الرواية وعوالمها، بل غاصت في هذا الفن الذي يعتبره البعض ديوان العرب الجديد، كذلك نعثر على مقطع من قراءة نقدية للناقد الدكتور عبدالعزيز السبيل بعنوان (مفهوم القصة القصيرة بين آراء النقاد ورؤى المبدعين)، ثم نقرأ أيضا من ذاكرة الراوي مقطعا من كتاب (القصيدة والنص المضاد) للدكتور عبدالله الغذامي، واحتوت المناهج الحديثة على شمولية في تناولها للغة العربية والأدب والدراسات البلاغية والنقدية تحت مسمى (الكفايات اللغوية) من واحد إلى ستة في تتابع يراعي تطور الأدب في عصوره المتتالية، وتطالب مناهج الكفايات اللغوية في العديد من موضوعاتها بدراسة الأدب دراسة تحليلية تشمل البنية الفنية وبنية المعنى والبنية الثقافية والبنية البلاغية، فيجيء شاعر التضاريس محمد الثبيتي ــ يرحمه الله ــ في نص (امض إلى المعنى)، ويجيء الشاعر عبدالله الصيخان في نص(قد جئت يا وطن)، ثم يأتي الشاعر حسين العروي في قصيدة يقول فيها :
أنا يا صديقي بعض حلم ذابل
ضعفت سفائنه عن الإبحار
لكن ذلك لن يضر فإنني
أنشودة أقوى من التيار
غنيت صرت حديقة شعرية
مجنونة مسحورة الأطيار
ونزفت فانتثرت عطور وانتشت
غابات نخل في جحيم مداري
ويقول:
خبر أنا يغتال في شفتيك
إن يسألك من يلقاك عن أخباري
والشاعر حسين العروي شاعر فذ له تجربة خاصة في كتابة النص الجديد المترع بلغة متدفقة له رؤاها تجاه الأشياء، وهو الذي لم يلتفت إليه النقاد كثيرا في مشهدنا الثقافي لكن منهج (الكفايات اللغوية) جاء ليبرهن على أهميته ومكانته الأدبية.. إن المناهج الجديدة للغة العربية والأدب في المرحلة الثانوية على وجه الخصوص جاءت متجددة وثرية سواء على مستوى الشكل أو المضمون، وجاءت لتفتح نوافذ على عوالم أدبية متنوعة مواكبة لحركة الأدب والنقد والإبداع في عالم متغير، وتتساءل مقدمة كتاب (الكفايات اللغوية): لماذا ندرس اللغة؟ ثم تأتي الإجابة: نحن نسبح في بحر من اللغة وندور في فضاء من اللغة، تحيط بنا اللغة إحاطة الهواء الذي نتنفسه إلى آخر مقدمة الكتاب، والتي تكشف عن رؤية من شأنها أن تقود المتلقي والطالب والدارس إلى عوالم معرفية وأدبية لها أبعادها الكبيرة.. ولعلي أشيد بمؤلفي مناهج اللغة والأدب في المرحلة الثانوية ودورهم الكبير في تقديم مناهج أدبية نقدية ذات رؤى طليعية، والمؤلفون هم: جمعان بن سعيد القحطاني ومحمد بن علي القحطاني وعبدالله بن سعد الغنام والدكتور صالح السحيباني والدكتور صالح النصار ومحمد بن ناصر الخليف وماجد العاصمي والدكتور أحمد بن صالح السديس.
عبدالرحمن العكيمي
——————–
المصدر: صحيفة عكاظ
0 تعليق